أولمبياد ميلانو-كورتينا 2026: شعلة الشتاء تنطلق من أولمبيا تحت المطر

تُضاء يوم الأربعاء شعلة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ميلانو-كورتينا 2026، المقررة إقامتها في إيطاليا، لكن هذه المرة في أجواء استثنائية فرضتها الأحوال الجوية السيئة، ما أجبر المنظمين على إدخال تعديلات في اللحظات الأخيرة على مراسم الإيقاد في مدينة أولمبيا اليونانية القديمة.
مراسم الإيقاد تنتقل من معبد هيرا إلى المتحف
من التقاليد الراسخة أن تُقام طقوس إيقاد الشعلة الأولمبية بين أطلال معبد هيرا العائد إلى نحو 2600 عام في أولمبيا، بالقرب من الملعب الأولمبي الذي يُعتبر مهد الألعاب الأولمبية منذ سنة 776 قبل الميلاد.
لكن التوقعات الجوية التي تشير إلى هطول أمطار غزيرة تعني أن أشعة الشمس لن تكون كافية لاستخدام المرآة المقعّرة التي تعتمد عليها الممثلات المتقمصات أدوار الكاهنات القديمات لإشعال الشعلة وفق الطقس التقليدي.
وبسبب ذلك، قرر المنظمون نقل المراسم هذه المرة إلى المتحف الأثري في أولمبيا، حيث يُعرض واحد من أشهر الأعمال الفنية الكلاسيكية في اليونان: تمثال «هرمس والرضيع ديونيسوس» المنسوب إلى النحات الإغريقي الشهير براكسيتليس.
بيتروس غايداتسيس يحمل الشعلة أولاً
اختير الرياضي اليوناني بيتروس غايداتسيس، المتوج بالميدالية البرونزية في منافسات التجذيف ضمن أولمبياد باريس 2024، ليكون أول من يحمل الشعلة في بداية المرحلة اليونانية من مسيرتها.
في المقابل، كان من المقرر أن يتولى المتزلج الألبي اليوناني-الأمريكي أي جاي جينيس هذه المهمة بصفته الخيار الأول لحمل الشعلة، إلا أنه اضطر للاعتذار بعد تعرضه لإصابة خلال التدريبات الأسبوع الماضي، ما فتح الباب أمام غايداتسيس ليكون في واجهة المشهد.
ووفق ما أفاد به المنظمون، فإن المرحلة اليونانية من رحلة الشعلة ستشهد مشاركة أسماء بارزة من عالم الرياضات الشتوية، من بينها:
- بطلة التزلج الإيطالية ستيفانيا بيلموندو
- أسطورة الزحافات الإيطالي أرمين تسويغلر
وهما من بين أوائل حاملي الشعلة في هذه المرحلة الرمزية على الأراضي اليونانية.
من أثينا إلى روما: مسيرة الشعلة عبر إيطاليا
بعد انتهاء المرحلة اليونانية، ستُقام مراسم تسليم الشعلة يوم 4 ديسمبر في ملعب باناثينايك الشهير بالعاصمة أثينا، وهو الملعب الذي احتضن إعادة إحياء أول دورة أولمبية حديثة سنة 1896.
انطلاقًا من هناك، ستتجه الشعلة إلى روما لبدء مسار طويل يستمر:
- 63 يومًا
- على مسافة تُقدّر بـ 12 ألف كيلومتر
وذلك عبر:
- أبرز المدن الإيطالية
- مرورًا بموقع بومبيي الأثري الشهير
في رحلة تهدف إلى ربط الرمزية التاريخية للألعاب بالأبعاد الثقافية والسياحية لإيطاليا قبل بلوغ موعد انطلاق المنافسات.
مواعيد الألعاب ومواقع المنافسات
تُقام دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ميلانو-كورتينا 2026 في الفترة ما بين:
- 6 و22 فبراير 2026
وستكون هذه:
- المرة الثالثة التي تستضيف فيها إيطاليا الألعاب الأولمبية الشتوية
- أول دورة شتوية تُنظَّم في أوروبا الغربية منذ ألعاب تورينو 2006
أما دورة الألعاب البارالمبية الشتوية فستجري بين:
- 6 و15 مارس 2026
خريطة توزيع المنافسات
تغطي المنافسات مساحة جغرافية واسعة تمتد من مدينة ميلانو شمالًا إلى جبال الدولوميت في شمال شرق إيطاليا، حيث تُوزع الرياضات على عدة مواقع رئيسية:
- ميلانو: تستضيف مسابقات الرياضات الجليدية داخل القاعات
- بورميو وكورتينا دامبيتسو: تحتضنان سباقات التزلج الألبي
- أنترسلفا: مقر منافسات البياثلون
- فال دي فييمي: تستقبل مسابقات التزلج الشمالي
- ليفينيو في جبال الألب الإيطالية: تستضيف منافسات التزلج الحر والتزلج على الجليد
هذا الانتشار الجغرافي يهدف إلى استغلال البنية التحتية الشتوية المتوفرة في البلاد وتقليل التكاليف عبر الاعتماد على منشآت قائمة في مناطق معتادة على احتضان الرياضات الثلجية.
الثلج الاصطناعي… ضمانة لاستمرار المنافسات
رغم أن معظم المنافسات الخارجية ستُقام على ارتفاعات كافية تضمن غالبًا وجود الثلوج، فإن منظمي ألعاب ميلانو-كورتينا يفضلون عدم ترك أي شيء للصدفة، في ظل التغيّرات المناخية المتسارعة في جبال الألب.
لذلك، يعمل المنظمون على تخزين كميات كبيرة من الثلج الاصطناعي تحسبًا لأي نقص محتمل في التساقطات الطبيعية خلال فترات المنافسات.
أرقام ضخمة لاستخدام الثلج الاصطناعي
أوضحت اللجنة المنظمة لدورة 2026 أنها تعتزم:
- إنتاج 2.4 مليون متر مكعب من الثلج الاصطناعي
- باستخدام نحو 948 ألف متر مكعب من المياه
وتُعد إيطاليا، بحسب تقرير صدر في أبريل عن منظمة “ليغامبينتي” البيئية الإيطالية، الدولة الأوروبية التي:
- تعتمد بأعلى نسبة على أنظمة صنع الثلج الاصطناعي
- إذ أن أكثر من 90 بالمئة من منحدرات التزلج في البلاد مزودة بأنظمة لإنتاج الثلج الاصطناعي
هذه الأرقام تثير نقاشًا متجددًا حول كلفة هذه الأنظمة على المستوى البيئي في سياق أزمة مناخية عالمية متفاقمة.
تراجع الغطاء الثلجي في جبال الألب الإيطالية
لا تأتي تحضيرات المنظمين من فراغ، بل تستند إلى دراسات علمية تُظهر التغيّر العميق في الواقع المناخي لجبال الألب الإيطالية.
فبحسب دراسة نُشرت في ديسمبر 2024 في المجلة الدولية لعلم المناخ، فإن:
- الغطاء الثلجي في جبال الألب الإيطالية انخفض إلى النصف خلال المئة عام الماضية
هذا التراجع الكبير في كمية الثلوج الطبيعية يدفع منظمي الأحداث الرياضية الشتوية، وعلى رأسها الألعاب الأولمبية، إلى الاعتماد بشكل متزايد على الثلج الاصطناعي لضمان سير المنافسات كما هو مخطط لها، ولو أن ذلك يأتي على حساب استهلاك كبير للمياه والطاقة، وعلى حساب تزايد الانتقادات البيئية.



