الجراحة الدماغية اليقِظة في المغرب: إنجاز طبي بروح إنسانية

أكثر من 180 مريضًا خضعوا لهذه العمليات في العاصمة الرباط، بتسجيل نسبة نجاح تفوق 98%، دون مضاعفات خطيرة مثل فقدان النطق أو الشلل النصفي.
الدكتور الحسني يعتبر أن هذه الإنجازات تؤكد أن الطب المغربي أصبح قادرًا على تبني الممارسات الأكثر تقدمًا عالميًا، مضيفًا:
“الشفاء لا يعني فقط إنقاذ الحياة، بل الحفاظ على هوية الإنسان، لغته، ذاكرته وقدرته على الشعور.”
تكوين مغربي–دولي ومساهمة علمية محلية
يتلقى جراحو الأعصاب تدريبهم الأولي في مستشفيات جامعية مغربية مرموقة في الرباط والدار البيضاء، قبل استكمال تخصصاتهم في دول رائدة مثل الولايات المتحدة، بلجيكا، اليابان وغيرها.
كما أنتج المغرب أول أطروحة دكتوراه وطنية حول تحفيز الدماغ، بعد خمس سنوات من البحث العلمي، ما مهد الأسس النظرية والعلمية للجراحة اليقظة المعتمدة حاليًا.
آفاق مستقبلية: تعميم وتطوير تدريجي
رغم أن التقنية ما تزال مقتصرة على مراكز متخصصة، إلا أن الأمل كبير في تعميمها مستقبلاً. يشترط ذلك تطوير برامج التكوين المستمر، وتوفير معدات جراحية متقدمة، إلى جانب إدماج المنهجية ضمن البرامج الجامعية الطبية.
الدكتور الحسني يؤكد أن الجراحة اليقظة ليست مجرد تقنية، بل منظومة جماعية تتطلب تنسيقًا وثيقًا بين جراحي الأعصاب، أطباء التخدير، أخصائيي النطق، وعلماء النفس الإكلينيكي.
ريادة مغربية في المنطقة العربية والإفريقية
رغم ندرة الجراحة اليقظة في إفريقيا والعالم العربي، فإن المغرب يُعد رائدًا في المنطقة، خاصة في إفريقيا الناطقة بالفرنسية. تُجرى هذه العمليات في دول مثل تونس، مصر، قطر، الإمارات والسعودية، إلا أن التجربة المغربية تُصنّف الأكثر تطورًا واستمرارية.
النجاح المغربي لم يتوقف عند البالغين فقط، بل امتد إلى جراحة الأطفال، حيث تم إجراء تدخلات دقيقة بأمان وفعالية، ما يبعث برسالة قوية مفادها أن المغرب قادر على مواجهة أعقد التحديات الطبية بأقصى درجات التخصص والدقة.
رسالة أمل وثقة
يختتم الدكتور الحسني حديثه برسالة موجهة إلى الرأي العام:
“ثقوا تمامًا في الكفاءات الطبية المغربية. فالجراحة اليقِظة تجسّد المعنى الحقيقي للطب الإنساني، لأنها تحفظ ليس فقط حياة الإنسان، بل أيضًا كرامته، كلمته، وذاكرته.”
“وراء هذه النجاحات، أطباء ومهنيون يتمتعون بمهارات عالية، وشغف لا يُقهر، وعمل دؤوب لأجل المرضى. إنهم يوسّعون آفاق الممكن، ويعيدون تعريف حدود الطب الحديث، من هنا، من المغرب.”