المغرب يفعّل نظام العقوبات البديلة لتعزيز الإدماج والحد من الاكتظاظ السجني
دخل القانون المتعلق بالعقوبات البديلة حيز التنفيذ رسميًا في المغرب، إيذانًا ببداية مرحلة جديدة من الإصلاح في المنظومة القضائية. يهدف هذا القانون إلى استبدال بعض العقوبات السالبة للحرية بإجراءات تهدف إلى إعادة إدماج الأفراد في المجتمع وتخفيف الضغط على المؤسسات السجنية.
توجه نحو العدالة التصالحية
يمثل هذا التحول جزءًا من مسار طويل يسعى فيه المغرب إلى ترسيخ عدالة إصلاحية تضع الإنسان في قلب السياسات العقابية. فبدلًا من الاكتفاء بالحبس كعقوبة أولى، يتيح القانون الجديد خيارات بديلة تركز على إعادة التأهيل والاندماج المجتمعي.
وتشمل هذه التدابير، على سبيل المثال:
- العمل لأجل المنفعة العامة: حيث يُطلب من المحكوم عليه أداء خدمة اجتماعية لفائدة جهة عامة.
- المراقبة القضائية: وتتمثل في مراقبة السلوك لفترة معينة بإشراف الجهات المختصة.
- تقييد بعض الحقوق: مثل المنع من ارتياد أماكن معينة أو مزاولة أنشطة معينة لفترة محددة.
التخفيف من الاكتظاظ داخل السجون
بحسب المعطيات الصادرة عن مندوبية إدارة السجون، فإن نسبة الاكتظاظ في المؤسسات السجنية تجاوزت 160% في بعض المدن، وهو ما يشكل ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية والموارد البشرية.
يرى المشرّع المغربي أن العقوبات البديلة من شأنها أن تخفف هذا العبء، وتوفر بيئة أكثر عدالة للمحكوم عليهم، خاصة بالنسبة للجنح البسيطة التي لا تشكل خطرًا على النظام العام.
ملاحظات حقوقية إيجابية وتحفظات
رحّبت منظمات حقوق الإنسان والهيئات القضائية بالقانون، معتبرة إياه خطوة نحو توافق المغرب مع المعايير الدولية في مجال العدالة الجنائية. وأشادت هذه الأطراف بتركيز القانون على إعادة التأهيل عوضًا عن العقاب فقط.
لكن، في المقابل، أبدى بعض الحقوقيين قلقهم من مدى فعالية التطبيق على أرض الواقع، مشيرين إلى ضرورة ضمان حياد القضاة وتوفير الإمكانيات اللازمة لتفعيل البدائل بشكل فعّال وعادل.
آفاق مستقبلية
يتطلب تنفيذ هذا القانون تكوينات خاصة للقضاة وأعوان العدالة، إلى جانب حملات توعية تستهدف الرأي العام لضمان تفهم طبيعة هذه العقوبات ومبرراتها. كما يُنتظر أن يشكل هذا القانون نواة لتوسيع نطاق العقوبات البديلة في المستقبل ليشمل جرائم أخرى.
