الملك محمد السادس: تعبئة الموارد ركيزة أساسية للتحول الهيكلي في إفريقيا

أكد الملك محمد السادس أن تعبئة الموارد المالية تُمثل شرطًا محوريًا لتحقيق التحول الهيكلي للاقتصادات الإفريقية، مشددًا على أنه لا يمكن للقارة الإفريقية تنفيذ إصلاحاتها ومشاريعها التنموية بالشكل الأمثل دون تمويل كافٍ وملائم لخصوصياتها.
جاء ذلك في رسالة ملكية موجهة إلى المشاركين في "ملتقى إبراهيم لنهاية الأسبوع حول الحكامة" لعام 2025، الذي انطلقت أشغاله بمدينة مراكش يوم الأحد، حيث قدّم جلالته رؤية شاملة لتنمية مستدامة وشاملة ترتكز على أربع دعائم رئيسية.
أربع ركائز لتحقيق التنمية في إفريقيا
- تغيير نموذج تمويل التنمية:
دعا جلالة الملك إلى تعبئة أكبر للموارد الداخلية وتنفيذ إصلاحات هيكلية لتعزيز الإطار الماكرو-اقتصادي، بالإضافة إلى تطوير آليات تمويل مبتكرة، والاستفادة من التحويلات المالية للجاليات الإفريقية، مع التأكيد على أن الاعتماد على المساعدات والديون الخارجية لم يعد خيارًا مستدامًا. - تهيئة بيئة مؤسساتية محفّزة للتنمية:
أكد جلالته أن خلق مناخ مواتٍ للاستثمار وريادة الأعمال يتطلب تسريع الإصلاحات المرتبطة بالحكامة الرشيدة، ومحاربة الفساد، وتحسين مناخ الأعمال، وضمان الشفافية وحماية المستثمرين، فضلًا عن إصلاح المنظومة القضائية. - تعزيز المبادلات التجارية البينية:
شدد الملك محمد السادس على أن التكامل الاقتصادي الإفريقي لم يعد ترفًا بل ضرورة ملحة، حيث لا تتجاوز حصة القارة في التجارة العالمية 3%، فيما لا تتعدى التجارة البينية الإفريقية 16%، مقارنة بـ60% في أوروبا و50% في آسيا. ورأى جلالته أن تفعيل منطقة التبادل الحر القارية يشكّل فرصة كبرى لتعزيز التصنيع، وجذب الاستثمارات، ورفع مرونة الاقتصادات الإفريقية. - تثمين الموارد الطبيعية للقارة:
أشار جلالته إلى أن إفريقيا تمتلك 40% من الاحتياطيات العالمية من المواد الأولية، و30% من المعادن الاستراتيجية، إضافة إلى موارد ضخمة في مجالات الطاقة والمياه والزراعة والبيولوجيا. "لم يعد من المقبول أن تظل إفريقيا مجرد مصدر للمواد الخام"، شدد الملك، داعيًا إلى الاستثمار في التصنيع المحلي وخلق سلاسل قيمة إقليمية تُدر مداخيل جديدة.
دعوة لإصلاح النظام المالي الدولي بمشاركة إفريقية فاعلة
أبرز جلالة الملك أن تمويل التنمية في إفريقيا يمثل تحديًا يتطلب حلولًا مبتكرة وتضامنية على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، مؤكدًا ضرورة إدراج هذه القضية في صلب الأجندة الدولية، خصوصًا مع اقتراب استحقاق 2030 المرتبط بأهداف التنمية المستدامة.
ودعا جلالته إلى:
- خفض معدلات الفائدة المفروضة على الدول الإفريقية في الأسواق العالمية.
- تيسير الولوج إلى التمويلات الميسرة والمنح.
- تعزيز تمثيلية إفريقيا داخل النظام المالي الدولي.
- خفض رسوم تحويلات الجاليات الإفريقية.
- تقوية المؤسسات المالية الإقليمية.
كما أشار إلى المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية المقرر عقده في إشبيلية، معربًا عن ثقته بأن هذا الحدث سيكون فرصة لتعزيز التنسيق الدولي في خدمة التنمية الإفريقية.
وختم جلالته بالقول إن إصلاح النظام المالي الدولي يجب أن يعتمد مقاربة متعددة الأطراف تُشرك إفريقيا بشكل فعلي، وتمنحها حق التمثيل الكامل، بما يضمن صياغة حلول واقعية تتماشى مع التحديات الخاصة بالقارة.