الصحة

تراجع المناعة في الخريف: لماذا يزداد الإرهاق وتنتشر الفيروسات؟

مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الخريف، يبدأ موسم نزلات البرد والإنفلونزا والتهابات الجهاز التنفسي. ويعزو الأطباء ذلك إلى مجموعة من العوامل المناخية والغذائية والسلوكية التي تُضعف جهاز المناعة وتجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الموسمية. الطبيب الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، يشرح الأسباب العلمية وراء هذا الضعف الطبيعي ويقدّم نصائح عملية لتعزيز المناعة خلال هذه الفترة.

تراجع المناعة.. عوامل متعددة ومتداخلة

يؤكد الدكتور حمضي أن ارتفاع حالات السعال، الزكام، والتعب في الخريف أمر طبيعي ومتكرر كل عام، إذ يتزامن مع تباطؤ استجابة الجهاز المناعي نتيجة انخفاض الحرارة.
ويضيف: “في الأجواء الباردة، تقل فعالية الخلايا الدفاعية ويصبح الجسم أقل قدرة على مقاومة الفيروسات”.

كما أن الهواء البارد والجاف يُضعف الأغشية المخاطية في الأنف والحنجرة، وهي الحاجز الأول ضد الجراثيم، مما يسهل دخول الفيروسات إلى الجهاز التنفسي.
أما نقص فيتامين “د” الناتج عن قلة التعرض لأشعة الشمس، فيُعد من أبرز أسباب ضعف المناعة، إذ يلعب هذا الفيتامين دورًا أساسياً في تنشيط الخلايا الدفاعية.

إلى جانب ذلك، تزداد العدوى بسبب البقاء لفترات طويلة في أماكن مغلقة – كالمكاتب والمدارس والمراكز التجارية – حيث يقل تجديد الهواء وتزداد فرص انتقال الفيروسات.

كما يُشير الدكتور حمضي إلى أن الفيروسات تعيش فترة أطول في الطقس البارد مقارنة بفصل الصيف، ما يجعلها أكثر قدرة على الانتقال من شخص لآخر. وتفاقم التغيرات الحرارية بين الليل والنهار من الضغط على الجسم، خصوصاً لدى الأشخاص المتعبين أو الذين يعانون من التوتر وقلة النوم وسوء التغذية.

أكثر الأمراض انتشارًا في الخريف

وفق المعطيات الصحية، تشمل الإصابات الأكثر شيوعاً:

  • نزلات البرد والإنفلونزا، وهي غالباً فيروسية المنشأ وسريعة العدوى.
  • التهابات الحلق والجيوب الأنفية والأذن، خاصة لدى الأطفال.
  • التهابات الشعب الهوائية والقصيبات (البرونكيوليت) عند الرضع.
  • الحساسية التنفسية الناتجة عن الرطوبة والعث المنزلي.

ويضيف الدكتور حمضي أن فيروس كورونا لا يزال منتشراً، وأن بعض الإصابات الحالية تشبه أعراض الإنفلونزا أو نزلات البرد، مما يجعل التشخيص السريري صعباً في بعض الحالات، خصوصاً مع ظهور متحوّر جديد يُعرف باسم “XFG” أو “فرانكنشتاين”.

نصائح لتعزيز المناعة والوقاية

يشدد الطبيب المغربي على أن الوقاية تبدأ بالتطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية، لا سيما للفئات الهشة:

  • كبار السن.
  • المرضى المزمنون.
  • النساء الحوامل.
  • العاملون في القطاع الصحي.

ويذكّر بأن الإنفلونزا تتسبب سنوياً في ما بين 300 ألف و650 ألف وفاة حول العالم، وأن التطعيم يقلل من شدة العدوى ومضاعفاتها.

أما عن النصائح اليومية لدعم الجهاز المناعي في الخريف، فيوصي بما يلي:

  1. النوم الكافي والمنتظم للحفاظ على توازن الهرمونات المناعية.
  2. نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات الطازجة والبروتينات.
  3. شرب الماء بانتظام للحفاظ على ترطيب الجسم.
  4. التعرض المعتدل لأشعة الشمس لمدة 15 دقيقة يومياً لتعويض نقص فيتامين “د”.
  5. تهوية الأماكن المغلقة بشكل دوري، وتجنب التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة.

وفيما يتعلق بالمكملات الغذائية المنتشرة، يؤكد الدكتور حمضي أن فكرة “تحفيز المناعة” بشكل مبالغ فيه غير علمية، قائلاً: “الجسم لا يحتاج إلى تنشيط مفرط، بل إلى توازن طبيعي. المبالغة قد تؤدي إلى اضطرابات مناعية ذاتية”.

الخلاصة

يُجمع الأطباء على أن فصل الخريف يمثل اختباراً حقيقياً لجهاز المناعة، لكنه لا يشكل تهديداً إذا اتبعنا نمط حياة صحياً ومتوازناً. فالنظافة الجيدة، النوم الكافي، التغذية السليمة، واللقاح السنوي للإنفلونزا تظل أفضل وسائل الوقاية من الأمراض الموسمية.

Karim Boukhris

بوقريس كريم صحفي متخصص في كرة القدم، ويملك خبرة تمتد لسبع سنوات في مجال الصحافة الرياضية المغربية. تعاون مع وسائل إعلام مثل "لو ماتان سبور"، "أطلس فوت" و"راديو ماروك سبور"، وينشر تحليلات تكتيكية وتقارير معمقة حول كرة القدم المغربية، مع تركيز خاص على المنتخبات الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى