أخبار التكنولوجيا

تيليجرام تطلق شبكة الذكاء الاصطناعي اللامركزية “كوكون” لمنافسة الكبار

كشفت منصة المراسلة تيليجرام عن مشروع جديد يحمل اسم “كوكون” Cocoon، وهي شبكة ذكاء اصطناعي لامركزية تقول الشركة إنها قادرة على معالجة طلبات المستخدمين دون كشف بياناتهم الشخصية. الإعلان تم عبر قناة رسمية مخصصة للمشروع، التي جمعت بالفعل حوالي 188 ألف مشترك في ظرف أيام قليلة فقط من إطلاقها، في مؤشر على الاهتمام الكبير الذي يثيره هذا التوجه الجديد.

معالجة موزعة بدل مراكز بيانات ضخمة

تفاصيل المشروع، كما وردت في الرسائل المنشورة على القناة الرسمية لـ”كوكون”، تفيد بأن الشبكة شرعت فعليًا في استقبال ومعالجة الطلبات. عوض الاعتماد على مركز بيانات واحد أو بنية تحتية مركزية، تتم العمليات الحسابية عبر عدد كبير من الحواسيب الموزعة في مختلف أنحاء العالم.

أصحاب هذه الأجهزة يحصلون على تعويضات نظير إتاحة جزء من قدراتهم الحاسوبية لخدمة الشبكة، من دون أن تكون لهم أي معرفة بمحتوى البيانات أو نوع الطلبات التي تُعالج عبر أجهزتهم. وتعرض تيليجرام هذا النموذج باعتباره بديلاً للنظام السائد حاليًا، حيث تمر معظم بيانات المستخدمين عبر عدد محدود من الشركات التقنية الكبرى التي تتحكم كليًا في الخوادم والبنية التحتية.

خصوصية معززة ووعد بعدم الاطلاع على المحتوى

فريق “كوكون” يؤكد أن المعطيات التي يرسلها المستخدم إلى الذكاء الاصطناعي تبقى محمية بالكامل ولا يمكن لأي طرف الاطلاع عليها. وتقوم الفكرة على عزل العمليات الحسابية عن إدارة الأجهزة وعن تيليجرام نفسها، بحيث تُنفّذ الحسابات في بيئة مغلقة لا تسمح بالوصول إلى المحتوى قيد المعالجة، حتى من قبل من يوفرون القدرة الحاسوبية للشبكة.

هذا الوعد يُقدَّم كرد مباشر على المخاوف المتزايدة بشأن الخصوصية مع الانتشار السريع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، في وقت يتنامى فيه قلق المستخدمين من الطريقة التي يتم بها جمع بياناتهم واستغلالها.

واتساب يسير في اتجاه تشديد الخصوصية هو الآخر

في سياق متصل بتحولات عالم المراسلة، تتجه منصة واتساب بدورها نحو تعزيز حماية خصوصية مستخدميها، من خلال اختبار ميزة جديدة من المنتظر إطلاقها ابتداءً من سنة 2026. هذه الخاصية ستتيح للدردشة وتبادل الرسائل وحتى إجراء المكالمات دون إظهار رقم الهاتف، ما يمثل تغييرًا عميقًا في طريقة ربط الحسابات بالمستخدمين، ويقرب التجربة أكثر من النموذج الذي كرسته تيليجرام منذ سنوات.

الخطوة تعكس تنافسًا متزايدًا بين كبريات منصات المراسلة على تقديم خيارات خصوصية أكثر تقدمًا، في ظل وعي متنامٍ لدى المستخدمين بأهمية التحكم في بياناتهم الشخصية.

مشروع قيد التطوير واختبار لقدرات الذكاء الاصطناعي اللامركزي

شبكة “كوكون” ما تزال في طور البناء، لكن فريقها شرع بالفعل في دعوة المطورين، بشكل تدريجي، لتحديد سيناريوهات الاستخدام التي يرغبون في بنائها فوق هذه المنصة. الهدف هو مواءمة قدرات المعالجة المتاحة مع التطبيقات المتوقعة، وفق ما يتيحه أصحاب الأجهزة من موارد تقنية.

هؤلاء يحددون بأنفسهم حدود الاستغلال الحاسوبي الممكنة، من حيث القوة والوقت، في إطار نظام يسمح لتطبيق تيليجرام بأن يكون أول مستفيد من “كوكون” داخل منظومته، إلى حين بلوغ مستوى من القوة الحاسوبية يسمح بتوسيع الاستخدام إلى نطاقات أوسع وأسواق جديدة.

هل يمكن تطوير ذكاء اصطناعي قوي بدون مركزية للبيانات؟

إطلاق “كوكون” يفتح نقاشًا أوسع حول ما إذا كان من الممكن تطوير حلول ذكاء اصطناعي قوية وفعّالة دون الاعتماد على مراكز بيانات ضخمة مركزية، أو وضع كميات هائلة من البيانات في أيدي عدد محدود من الفاعلين المسيطرين على السوق.

تقدم تيليجرام هذا المشروع باعتباره تجربة واسعة النطاق لاختبار نموذج مختلف، يحاول الجمع بين الأداء والخصوصية عبر اللامركزية. ومع تزايد عدد المستخدمين والطلبات، سيكون التحدي الأساسي هو التحقق من قدرة هذا النظام على الحفاظ على مستوى الأمان والسرية الموعودَين، مع ضمان استقرار الخدمة وجودة النتائج.

النتائج المنتظرة خلال الأشهر المقبلة ستسمح بتقييم مدى صلابة هذا النهج، وإمكانية تحوله إلى بديل حقيقي في منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية، أو بقائه مجرد تجربة محدودة في سوق يهيمن عليه عمالقة يمتلكون موارد هائلة وبيانات لا حصر لها.

Karim Boukhris

بوقريس كريم صحفي متخصص في كرة القدم، ويملك خبرة تمتد لسبع سنوات في مجال الصحافة الرياضية المغربية. تعاون مع وسائل إعلام مثل "لو ماتان سبور"، "أطلس فوت" و"راديو ماروك سبور"، وينشر تحليلات تكتيكية وتقارير معمقة حول كرة القدم المغربية، مع تركيز خاص على المنتخبات الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى