دراسة: ميكروبات الأمهات تساهم في بناء أدمغة الأجنة داخل الرحم

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة جورجيا ستيت الأمريكية أن الميكروبات التي تعيش في أجسام الأمهات تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل أدمغة الأجنة قبل الولادة، خصوصًا في المناطق المسؤولة عن الوظائف الجسدية والسلوك الاجتماعي.
إشارات ميكروبية تبدأ من الرحم
أظهرت الدراسة أن تأثير الميكروبات يبدأ مبكرًا في الرحم عبر إشارات صادرة عن ميكروبات الأم. ولإثبات ذلك، استخدم الباحثون فئرانًا حديثة الولادة جرى تعديلها وراثيًا لتنمو في بيئة معقمة خالية من الميكروبات. وبعد نقل بعض هذه الفئران مباشرة بعد الولادة إلى أمهات تملك ميكروبات طبيعية، انتقلت هذه الكائنات الدقيقة إليها بسرعة.
التركيز على منطقة (PVN)
ركز الباحثون على النواة المجاورة للبطين (PVN) في منطقة ما تحت المهاد، وهي منطقة معروفة بارتباطها بالاستجابة للتوتر والسلوك الاجتماعي. النتائج أظهرت أن الفئران التي نُقلت إليها الميكروبات بعد الولادة كانت تحتوي على عدد أقل من الخلايا العصبية في هذه المنطقة مقارنة بتلك التي تأثرت بالميكروبات منذ وجودها في الرحم، مما يشير إلى دور حاسم لهذه الكائنات الدقيقة في التطور الجنيني المبكر.
تأثيرات تستمر حتى البلوغ
حتى في الفئران البالغة التي تربت في بيئة معقمة، بقي عدد الخلايا العصبية في منطقة PVN منخفضًا، رغم أن تجربة “التبني الميكروبي” لم تُستمر حتى سن البلوغ (ثمانية أسابيع). وهو ما يدل على أن التأثيرات الأساسية للميكروبات على الدماغ تبدأ فعلًا في مراحل مبكرة داخل الرحم.
تصريحات الباحثين
قالت ألكسندرا كاستيلو رويز، عالمة الأعصاب السلوكية المشاركة في البحث:
“عند الولادة، تبدأ الميكروبات في اختراق الجسم، وتتزامن معها أحداث تطورية تشكل الدماغ. وهذا يعكس أن الميكروبات تلعب دورًا أساسيًا في تشكيل منطقة دماغية مرتبطة بالوظائف الجسدية والسلوك الاجتماعي. والأهم أن هذه التأثيرات تبدأ بالفعل داخل الرحم من خلال إشارات ميكروبات الأم”.
أهمية الاكتشاف
توضح الدراسة أن تريليونات الكائنات الدقيقة التي تستوطن جسم الإنسان لا تقتصر أدوارها على الهضم أو المناعة، بل تمتد لتشمل بناء الدماغ قبل الولادة، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم العلاقة بين الميكروبات والصحة العصبية والنفسية.