أخبار التكنولوجيا

روبوت صيني يقطع 106 كيلومترات دون توقف ويدخل غينيس

سجلت الصين إنجازًا جديدًا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية بفضل روبوت مشّاء من جيل مختلف. فقد تمكن روبوت بشري يُدعى A2، يعمل في صمت وهدوء، من قطع أكثر من 106 كيلومترات بين سوتشو وشنغهاي خلال ثلاثة أيام متواصلة، في إنجاز صادقت عليه رسميًا موسوعة غينيس، ليضع الهندسة الروبوتية الصينية في قلب الاهتمام العالمي.

يظهر A2، المشي الآلي المصنوع من الفولاذ، في صور التحدي وهو يبذل أقصى جهده طوال الرحلة التي حطم خلالها الرقم القياسي، ليجسد بصورة ملموسة طموح الصين في ريادة تقنيات الروبوتات المتقدمة.

رحلة من سوتشو إلى شنغهاي بلا توقف

انطلقت مغامرة A2 ليل 10 نوفمبر 2025، عندما غادر الروبوت مدينة سوتشو الصينية ليبدأ السير على واحد من أكثر المحاور الحضرية ازدحامًا في شرق آسيا. وعلى مدى قرابة 72 ساعة، واصل المشي دون انقطاع، متجاوزًا الجسور، ومتخطّيًا الأرصفة غير المستوية، ومتعرجًا بين المارة، ومواجهًا حركة مرورية كثيفة ومتواصلة.

مع خيوط فجر 13 نوفمبر، وصل الروبوت أخيرًا إلى منطقة البوند في شنغهاي، ذلك promenade الشهير على الواجهة البحرية حيث تنعكس أضواء المدينة على مياه نهر هوانغبو. عند هذه النقطة، قامت موسوعة غينيس بتوثيق إنجاز A2 رسميًا بمسافة قياسية بلغت 106.286 كيلومترًا، بوصفها أطول مسافة سير متواصلة يقطعها روبوت بشري في التاريخ.

شهور من التحضير القاسي قبل التحدي

هذا الإنجاز لم يكن وليد صدفة، بل جاء نتيجة برنامج استعداد مكثف انطلق منذ فصل الربيع. فقد أخضع مهندسو شركة أجيبوت الروبوت A2 لمئات الساعات من التجارب التي صُممت خصيصًا لتعزيز ثباته ومنع سقوطه في بيئات واقعية تحاكي مختلف السيناريوهات الممكنة على الطرق الحضرية.

بين أبريل ومايو 2025، جرى تنفيذ سلسلة طويلة من الاختبارات لتحسين توازنه وقدرته على تحمل الصدمات والاضطرابات، وانتهت هذه المرحلة بعرض تجريبي كبير في 17 أغسطس 2025. في ذلك اليوم، نجح A2 في إكمال مسيرة ذاتية بالكامل لمدة 24 ساعة متواصلة في ظروف مناخية قاسية، حيث اقتربت درجات الحرارة من 40 درجة مئوية. تم بث هذا الاختبار مباشرة، وقدّمته الشركة باعتباره بروفة حقيقية للتحدي الأكبر المنتظر في نوفمبر.

DR02… روبوت لكل التضاريس والظروف الجوية

في سياق سباق الصين نحو جيل جديد من الروبوتات العاملة خارج المختبرات، برز اسم روبوت آخر هو DR02، الذي يُتوقع أن يعيد رسم حدود ما يمكن أن تفعله الروبوتات الحديثة. هذا الروبوت الصناعي البشري، المطوَّر من قِبل شركة Deep Robotics الصينية، صُمم ليعمل في مختلف الظروف الجوية تقريبًا، سواء تحت المطر أو في الأجواء المحملة بالغبار أو في درجات حرارة مرتفعة للغاية.

بفضل مقاومته للعوامل المناخية القاسية، يجسد DR02 رؤية صناعة روبوتات قادرة على مغادرة بيئات الاختبار المعقمة، والتعامل مع العالم الحقيقي بكل تعقيداته، من مواقع العمل المفتوحة إلى البيئات الصناعية المزدحمة.

تقنيات متقدمة وراء نجاح A2

رحلة A2 بين سوتشو وشنغهاي قامت على مزيج معقد من التقنيات العالية. فالروبوت مزود بوحدتي نظام تحديد المواقع العالمي GPS لضمان تتبع دقيق لمساره، إضافة إلى جهاز ليدار عالي الدقة يرسم خريطة ثلاثية الأبعاد للبيئة المحيطة، إلى جانب مجموعة من أجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء القادرة على تحليل العمق والمسافة وحركة الأجسام من حوله.

هذه الرؤية الاصطناعية المتكاملة تمكّن A2 من قراءة محيطه بشكل مستمر ليلاً ونهارًا، والتكيف بشكل فوري مع العوائق والاختلافات في مستوى الطريق. ويُستكمل هذا النظام ببطاريات قابلة للتبديل السريع، ما يسمح بالحفاظ على إمداد مستمر بالطاقة من دون الحاجة إلى إطفاء الروبوت أو إيقافه عن الحركة.

بفضل هذه البنية التقنية، استطاع A2 عبور طرق معبّدة بالإسفلت، وجسور معدنية مخصصة للمشاة، ومسارات مرصوفة بالحصى، إضافة إلى مناطق مكتظة بالمارة والمركبات، مع احترام قواعد المرور والتصرف بطريقة آمنة في الفضاء الحضري.

الصين تعزز موقعها في سباق الروبوتات البشرية

إنجاز A2 يأتي ضمن ديناميكية متسارعة تدفع الروبوتات الصينية إلى واجهة المشهد العالمي. ففي أبريل 2025، استقطب الروبوت Tien Kung Ultra، المطوَّر في بكين، اهتمام الإعلام والمتخصصين بعدما نجح في إكمال نصف ماراثون بطول 21 كيلومترًا في زمن بلغ ساعتين وأربعين دقيقة.

ومع تسجيل 106 كيلومترات في نوفمبر، تُظهر الصين اليوم أنها لا تكتفي بصنع روبوتات قادرة على الحركة فحسب، بل تسعى إلى تكليفها بمهام شاقة في بيئات حضرية حقيقية، حيث تتداخل حركة السير مع المشاة والعوامل المناخية والتضاريس المعقدة. بهذه الخطوات، يبدو أن الصين ترسخ موقعها كأحد أبرز الفاعلين في رسم مستقبل الروبوتات البشرية القادرة على التعايش مع الإنسان في الفضاء العام.

Karim Boukhris

بوقريس كريم صحفي متخصص في كرة القدم، ويملك خبرة تمتد لسبع سنوات في مجال الصحافة الرياضية المغربية. تعاون مع وسائل إعلام مثل "لو ماتان سبور"، "أطلس فوت" و"راديو ماروك سبور"، وينشر تحليلات تكتيكية وتقارير معمقة حول كرة القدم المغربية، مع تركيز خاص على المنتخبات الوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى