ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تحذّر من النوم تحت الأنوار

الضوء الليلي وأمراض القلب.. ارتباط مقلق
حذّرت دراسة حديثة من أن التعرض للضوء أثناء النوم قد يرتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ما يجعل مجرد إبقاء ضوء الغرفة أو الشارع متسللًا إلى غرفة النوم عاملًا صحيًا غير بسيط.
الباحثون في مستشفى “ماساتشوستس” في بوسطن بالولايات المتحدة أوضحوا أن النوم والأنوار مشتعلة يساهم في إرهاق الدماغ وإثارة التهابات على مستوى الشرايين، وهو ما قد يرفع احتمالات التعرّض لاحقًا لنوبات قلبية أو جلطات دماغية.
كلما زاد الضوء.. زاد الخطر القلبي
أظهرت نتائج الدراسة أن زيادة التعرّض للضوء الصناعي ليلًا ترتبط بشكل واضح بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب في المستقبل.
وبحسب الباحثين، فإن ارتفاع مستوى الضوء بمقدار انحراف معياري واحد كان مرتبطًا بـ:
- زيادة احتمال الإصابة بنوبة قلبية بنسبة 35٪ خلال السنوات الخمس التالية.
- وارتفاع الخطر بنسبة 22٪ خلال السنوات العشر التي تليها.
وبعد مرور عشر سنوات على بداية متابعة المشاركين، تبيّن أن 17٪ منهم أصيبوا بمشكلات قلبية أو وعائية كبرى.
من هم الأكثر عرضة لتأثير الضوء الليلي؟
أوضحت الدراسة أن الأشخاص الذين يعيشون في بيئات صاخبة أو مضاءة بشكل زائد كانوا أكثر عرضة للتأثيرات السلبية للضوء أثناء النوم، خصوصًا:
- من يسكنون قرب الطرقات الكبرى.
- من يعيشون في أحياء فقيرة مكتظة أو ذات إنارة خارجية قوية.
هذه العوامل البيئية تتداخل مع وجود الضوء الليلي لتزيد من الضغط على الجهاز القلبي الوعائي، وتُفاقم تأثير اضطراب النوم على الصحة العامة.
عيّنة ضخمة وقياس دقيق للضوء
شملت الدراسة 466 ألف شخص بالغ، لم يكونوا مصابين بأمراض قلبية أو بالسرطان عند بداية المتابعة. وقد خضع المشاركون لفحوصات دماغية في مستشفى “ماساتشوستس” بين عامي 2005 و2008، بينما جُمعت بياناتهم الصحية والبيئية على مدى فترة طويلة امتدت تقريبًا من 1999 حتى 2018.
لم يكتف الباحثون بالاعتماد على استبيانات ذاتية عن مدى سطوع الغرفة أثناء النوم، بل استخدموا أيضًا بيانات من الأقمار الاصطناعية لقياس مستوى الضوء المحيط بمنازل المشاركين خلال الليل، ما أتاح لهم تقديرًا أكثر موضوعية لحجم التعرّض الفعلي للإضاءة الليلية.
النتائج ما تزال أولية لكنها مقلقة
عُرضت هذه النتائج في جلسات الجمعية الأمريكية للقلب لعام 2025، لكنها لم تُنشر بعد في مجلة علمية محكّمة، ما يعني أن الدراسة لا تزال في مرحلة مبكرة، ومع ذلك تُعد مؤشرًا مهمًا يستدعي الانتباه.
ويشير الباحثون إلى أن العلاقة بين الضوء الليلي وأمراض القلب قد تمر عبر عدة مسارات متشابكة، من بينها:
- اضطراب الساعة البيولوجية.
- التأثير على جودة النوم وعمقه.
- زيادة مستويات الالتهاب في الجسم.
خبراء النوم: الظلام أفضل لصحة القلب والدماغ
خبير النوم في جامعة أوبسالا بالسويد، جوناثان سيدرناس، علّق على هذه النتائج قائلًا إن الدراسة تؤكد أن النوم في الظلام هو الأفضل للصحة، مشيرًا إلى أن أبحاثًا أُجريت على البشر والحيوانات أظهرت أن الضوء الليلي يُربك أنظمة عصبية فيزيولوجية حساسة، ويؤثر في عملية الأيض والاستجابة الالتهابية.
ووفقًا لما نقله موقع “هيدلاين”، فإن هذه المعطيات تعزز الفكرة القائلة بأن النوم في غرفة مظلمة تمامًا هو الخيار الأمثل لتحسين جودة النوم ودعم صحة القلب والأوعية الدموية على المدى الطويل.
كيف تحمي نفسك من “الضوء الخفي” أثناء النوم؟
ينصح الخبراء باتخاذ خطوات بسيطة ولكن فعّالة لتهيئة غرفة نوم صديقة للقلب والدماغ:
- تغطية النوافذ بستائر سميكة أو عازلة للضوء قبل النوم.
- سد الفتحات التي يتسلل منها ضوء الشارع أو الممرات.
- إطفاء الأجهزة ذات الأضواء الصغيرة المستمرة قدر الإمكان.
- استخدام قناع نوم مريح عندما يتعذر التحكم الكامل في الإضاءة المحيطة.
هذه الإجراءات تساعد على خلق بيئة مظلمة، ما يسهّل دخول الجسم في نوم عميق ومتواصل، ويُخفف العبء عن الجهاز القلبي الوعائي والجهاز العصبي.
في ضوء هذه الدراسة، يبدو أن نصيحة النوم في الظلام لم تعد مجرد تفضيل شخصي أو رفاهية، بل سلوك وقائي قد يلعب دورًا في حماية القلب على المدى الطويل.



