الثقافة والمجتمع

"ها وليدي".. جايلان تُعيد إحياء التراث المغربي في قالب موسيقي عصري

أشعلت الفنانة المغربية خولة مجاهد، المعروفة فنياً بـ"جايلان"، منصات الموسيقى بأغنيتها الجديدة "ها وليدي"، التي صدرت يوم 13 يونيو 2025، لتتحول في وقت وجيز إلى ظاهرة فنية حقيقية. الأغنية التي جمعتها مع المنتج الموسيقي "بيتهوفن" حققت نحو 6 ملايين مشاهدة خلال أيام معدودة، متربعة على عرش الترند في المغرب ومحتلة المركز الثاني في فرنسا على يوتيوب.

لكن نجاح "ها وليدي" لا يقتصر على الجانب الفني فحسب، بل يتجاوزه إلى كونه رسالة حب وفخر تنبض بالهوية المغربية، حيث استطاعت جايلان أن تدمج بين أنغام الـR’n’B والجاز ولمسات من الموسيقى المغربية الأصيلة، مقدّمة بذلك مزيجاً فنياً يعكس فرادة شخصيتها الموسيقية.

تحية للثقافة المغربية

الأغنية لا تُعد فقط عملاً فنياً ناجحاً، بل تُعتبر تحية صادقة لتراث مغربي غني ومتنوع. فقد جاء الفيديو الكليب، المصور بأسلوب بصري مبهر، كلوحة فسيفسائية زاخرة برموز الثقافة الوطنية: من أناقة القفطان المغربي، إلى جمالية طقوس الشاي بالنعناع، ومن عروض "التبوريدة" التي شاركت فيها فرقة نسائية، إلى الأهازيج الشعبية والروح الوطنية المرتبطة بكرة القدم.

هذا البعد الثقافي الرفيع دفع عدداً كبيراً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى المطالبة باعتماد "ها وليدي" نشيداً رسمياً لبطولة كأس أمم إفريقيا 2025، لما تحمله من طاقة احتفالية وشحنة رمزية توحد الجماهير.

المرأة المغربية في قلب المشهد

ضمن "ها وليدي"، تحتل المرأة المغربية مكانة محورية، حيث تصوّر جايلان شخصية نسائية قوية، واثقة ومتجذرة في إرثها. نراها فارساً في ساحة التبوريدة، قائدة تجلس على العرش، ومشجعة متحمسة في المدرجات، لتقدم من خلالها صورة حديثة للمرأة المغربية المتوازنة بين الحداثة والتقاليد.

جايلان تُقدّم بذلك رسالة مفادها أن المرأة ليست مجرد موروث رمزي، بل فاعلة رئيسية في الحفاظ على الهوية، حاملةً لراية التطور والانفتاح دون أن تنسلخ عن الجذور.

بين الأصالة والعصرية

ما يجعل "ها وليدي" تتجاوز حدود الأغنية التجارية هو قدرتها على التوفيق بين العمق التراثي والجاذبية الفنية المعاصرة. الصوت، الصورة، الإيقاع، والرمز؛ كلها عناصر توظفها جايلان بدقة لتروي من خلالها حكاية بلد غني بتقاليده، متجدد في فنه، وفخور بنسائه.

بكلماتها النابعة من القلب، وموسيقاها الممزوجة بالانتماء، تبرهن جايلان أن الفن يمكن أن يكون وسيلة فعالة للحفاظ على الذاكرة الجماعية، وفي الآن نفسه، جسرًا يربط بين الأجيال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى