روبوتات الخصوبة: أفق جديد لملايين الأزواج حول العالم

ثورة في تقنيات التلقيح الاصطناعي
منذ أواخر السبعينيات، ساهمت تقنية التلقيح الاصطناعي (IVF) في ولادة أكثر من 13 مليون طفل، لكنها ما تزال عملية معقدة ويدوية إلى حد كبير. ففي المختبرات، ينتقل الأطباء المتخصصون بين محطات متعددة، يستخلصون جُريبات دقيقة من سائل دموي مختلط بالشوائب، ويبحثون تحت مجاهر عالية القدرة عن أفضل الحيوانات المنوية القادرة على الحركة. بعد ذلك، تُستخدم أدوات دقيقة لحقن الحيوان المنوي في البويضة، في عملية تعرف بحقن الحيوانات المنوية داخل البويضة (ICSI). ورغم التطور الطبي، فإن هذه العملية لا تنجح إلا في نحو نصف المحاولات، نظرًا لهشاشتها ودقتها الشديدة.
لكن التطورات الحديثة قلبت الموازين، إذ جرى خلال السنوات الثلاث الماضية إنجاب ما لا يقل عن 20 طفلاً عبر تجارب سريرية تعتمد على التشغيل الآلي والروبوتات، بحد أدنى من التدخل البشري. وتشير تقارير علمية إلى أن البرمجيات المعتمدة على خوارزميات الرؤية الحاسوبية، التي تستخدم في السيارات ذاتية القيادة أو في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، باتت قادرة على تحديد الحيوانات المنوية الأقوى والأكثر جودة بين مئات الآلاف في ثوانٍ معدودة، وهو ما يتجاوز بكثير قدرات أي اختصاصي بشري.
تجربة “أورا” في المكسيك وتأثيرها العالمي
إحدى التجارب الأكثر طموحًا تجري في مكسيكو سيتي، وتحديدًا في حي بولانكو الراقي، حيث تُقدم عيادة محلية علاجًا آليًا مجانيًا للأزواج غير القادرين ماديًا على التلقيح الاصطناعي، مقابل المشاركة في نظام تجريبي يعرف باسم “أورا”. تعتمد التجربة على أذرع روبوتية تلتقط الحيوان المنوي، تُمزج المواد الكيميائية الضرورية للحفاظ على حيوية البويضة، وتخصبها بدقة متكررة، ما يطلق لحظة التكوين دون الحاجة إلى إشراف دائم من الأطباء.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن شخصًا واحدًا من كل ستة أشخاص في سن الإنجاب يعاني من العقم، وهو معدل ثابت في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، مع تزايد هذه النسبة بسبب تأجيل الإنجاب والعوامل البيئية. ورغم ذلك، فإن الغالبية الساحقة من هذه الفئة، باستثناء قلة قليلة في الدول الغنية، تفتقر إلى خدمات علاجية متخصصة. حتى في الولايات المتحدة، حيث تصل تكلفة دورة واحدة من التلقيح الاصطناعي إلى 30 ألف دولار، يظل الحصول على هذه الخدمة محدودًا ومتركزًا في المدن الساحلية الميسورة.
التجارب الروبوتية الجديدة مثل “أورا” قد تمثل بارقة أمل لملايين الأزواج حول العالم، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الابتكارات الطبية التي تجمع بين التكنولوجيا والإنسان في رحلة البحث عن الحياة.