الكلية لا تُحذر قبل أن تتأذى.. الدكتورة نعيمة حسني تدق ناقوس الخطر حول أمراض الكلى في المغرب

حذّرت الدكتورة نعيمة حسني، الأخصائية في أمراض الكلى، من الانتشار الصامت والمتسارع لأمراض الكلى المزمنة في المغرب، مشيرة إلى أن أغلب الحالات لا تُكتشف إلا في مراحل متقدمة يصعب علاجها. وفي حديثها حول واقع أمراض الكلى، أكدت أن المغرب قطع خطوات مهمة في تحسين الرعاية الطبية لمرضى الكلى، لكنه لا يزال يواجه تحديات تتطلب تعبئة شاملة للوقاية والتوعية.
تقدم طبي ملحوظ في علاج أمراض الكلى
توضح الدكتورة حسني أن الطب المغربي في مجال أمراض الكلى يشهد تطورًا لافتًا، سواء في تقنيات غسل الكلى (الدياليز) أو في جودة المعدات والمواد الطبية المستخدمة.
وقالت: «لقد تحسّنت الأغشية والآليات المعتمدة في عملية التنقية بشكل كبير، ونحن اليوم نستخدم أجهزة أكثر كفاءة وأفضل تحملاً من قبل المرضى».
كما أشارت إلى أن المغرب يُعدّ من الدول الإفريقية الرائدة في هذا المجال، مضيفة: «في الدار البيضاء، نحن الوحيدون الذين نملك شهادات تخصص معترف بها دوليًا، ما يضعنا في صدارة القارة من حيث التكوين والممارسة».
الوقاية قبل العلاج
تشدد الدكتورة حسني على أن الوقاية هي الحل الأساسي لمواجهة هذا النوع من الأمراض، لأن تطور أمراض الكلى غالبًا ما يكون بطيئًا وصامتًا على مدى سنوات طويلة.
ونصحت باتباع إجراءات بسيطة لكنها فعّالة للحفاظ على سلامة الكلى، منها:
- شرب كميات كافية من الماء بانتظام.
- مراقبة ضغط الدم ومستويات السكر في الدم.
- الحفاظ على نظام غذائي متوازن وقليل الملح.
وأوضحت أن السكري وارتفاع الضغط الدموي هما العدوّان الرئيسيان للكلى، مضيفة: «كثير من المرضى يصلون إلى مراحل متقدمة لأنهم يجهلون العلاقة بين هذه الأمراض والفشل الكلوي».
أهمية الكشف المبكر والتوعية الجماعية
تدعو الدكتورة حسني إلى جعل التوعية الصحية عادة مجتمعية، قائلة: «يجب تحسيس مرضى السكري وارتفاع الضغط منذ التشخيص، وحثهم على زيارة طبيب الكلى مرة واحدة في السنة على الأقل. ففحص بسيط لوظائف الكلى يمكن أن يجنب سنوات من المعاناة».
كما تؤكد أن التاريخ العائلي للأمراض الكلوية يعدّ مؤشرًا مهمًا، وأن الفحص المبكر للأشخاص الذين لديهم سوابق عائلية يمكن أن يوقف تطور المرض في بدايته.
نحو تحسين جودة الحياة عبر الدياليز والزرع
تعتبر الدياليز علاجًا ضروريًا لكنه مرهق، كما تقول حسني: «ثلاث جلسات أسبوعيًا مع ما يرافقها من ضغط جسدي واجتماعي يؤثر على جودة الحياة».
ورغم ذلك، تؤكد أن التطور التقني في الأجهزة الحديثة جعلها أكثر فعالية وأقل ضررًا. وتشير إلى أن زراعة الكلى تبقى الخيار الأمثل، مضيفة: «لقد نجح المغرب في عدة عمليات زرع، وهي تمنح المرضى الشباب حياة طبيعية. علينا تشجيع ثقافة التبرع بالأعضاء، فكل عملية ناجحة تمثل انتصارًا على المرض».
تحديات النظام الصحي المغربي
تلاحظ الدكتورة حسني أن المغرب يشهد ارتفاعًا مستمرًا في عدد المصابين بأمراض الكلى المزمنة نتيجة شيخوخة السكان وانتشار السكري.
ورغم جهود تحديث البنية الصحية، تدعو إلى تعزيز قدرات الكشف المبكر وتكوين الأطر الطبية، محذرة: «علينا التحرك الآن حتى لا نشهد اكتظاظًا في مراكز الدياليز خلال العقد المقبل».
نمط الحياة المعاصر يهدد صحة الكلى
وترى الأخصائية أن الإجهاد، قلة الحركة، وسوء التغذية من أهم عوامل الخطر الحديثة. وتوصي بتقليل الملح، وتناول الخضروات والفواكه، وتجنب الأدوية دون وصفة طبية، مع الحفاظ على الترطيب المنتظم.
وتختتم قائلة: «الكلى عضو صامت لكنه أساسي. عندما تبدأ في “الحديث”، يكون الأوان قد فات. احموا كليتيكم قبل أن تتوقفا عن خدمتكم».



