ميناء قادس يستعيد ارتباطه البحري بالمغرب بعد 11 عامًا من التوقف
عودة خط الشحن بين قادس والمغرب بعد قطيعة طويلة
مراكش – استعاد ميناء قادس الإسباني من جديد ارتباطه البحري المنتظم مع المغرب، بعد انقطاع تجاوز العشر سنوات، بحسب ما أوردته صحيفة «دياريو دي قادس». ويُعد هذا التطور، الذي كُشف عنه للمرة الأولى في 27 أكتوبر، محطة بارزة في مسار العلاقات البحرية عبر مضيق جبل طارق بعد 11 عامًا من التوقف.
أول رحلة حاويات تؤكد استئناف الربط
أصبح هذا الربط البحري واقعًا ملموسًا عند رسو أول سفينة حاويات، «باندا 004»، في ميناء قادس يوم 27 أكتوبر. وتُشغّل هذه السفينة من طرف شركة «تيلويند» للشحن، المعروفة إعلاميًا باسم «شركة ليدل للشحن»، ما يعكس دخول فاعل تجاري بارز على خط الملاحة بين الجانبين.
خط “دولفين إكسبريس” يربط قادس بالمغرب
الخدمة الجديدة، المعروفة باسم «دولفين إكسبريس» (DEX)، تربط بين عدد من الموانئ الأوروبية والمتوسطية، من بينها مورديك في هولندا، وأنتويرب في بلجيكا، وسيتوبال في البرتغال، وقادس وبرشلونة في إسبانيا، إضافة إلى ميناء الدار البيضاء في المغرب، بطاقة استيعابية تصل إلى 1380 حاوية.
في ميناء قادس، تتولى شركة «بيرناردينو آباد» ش.م.م. مهام الوكيل المرسل لصالح «تيلويند» للشحن، ممثلةً شركة «مارتيكو» ش.م.م. وتُعد هذه الشركة من أبرز الداعمين لمستقبل الميناء، وقد خاضت في السابق جهودًا حثيثة من أجل تعزيز الربط السككي بالميناء ضمن رؤية شاملة لتطوير سلاسل الخدمات اللوجستية.
خطة توسع استراتيجية نحو المغرب وجزر الكناري
وخلال مؤتمر بعنوان «قادس، ميناء أخضر وأزرق: تعزيز النقل البحري قصير المدى»، نُظم أمس في إطار مبادرة النمو الأزرق البحري، شددت تيوفيلا مارتينيز، رئيسة هيئة ميناء خليج قادس، على أهمية تطوير خطوط بحرية جديدة تربط الميناء بكل من جزر الكناري والمغرب، معتبرة ذلك ركيزة أساسية في خطة التوسع الاستراتيجية للميناء.
اللقاء، الذي انعقد في مركز مؤتمرات قادس، جمع عددًا من الممثلين المؤسسيين والشركاء الفاعلين في قطاع النقل البحري واللوجستيك، في إشارة إلى الرهان المؤسسي المشترك على جعل النقل البحري قصير المدى محورًا رئيسيًا في تنقل السلع والأشخاص.
إشادة بدور الميناء كجسر بين الضفتين
وخلال أشغال المؤتمر، أشاد عمدة قادس، برونو غارسيا، بعمل هيئة الميناء وقيادتها في هذا المجال، مثنيًا على الجهود المبذولة “لتعزيز النقل البحري قصير المدى الذي يربط بين أماكن مثل جزر الكناري والمغرب”. واعتبر أن هذه الرؤية تسهم في ترسيخ مكانة الميناء “كحلقة وصل بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، وجسر للتبادل والتعاون”.
من جهتها، أكدت مرسيدس كولومبو، المندوبة الحكومية لحكومة منطقة الأندلس في قادس، على ضرورة تنسيق الجهود بين مختلف مستويات الإدارة العمومية، وهيئة ميناء خليج قادس، والجمعية الإسبانية لترويج النقل البحري قصير المسافة (SPC Spain)، بهدف توحيد الرؤى والعمل على تطوير هذا النمط من النقل كخيار استراتيجي للمستقبل.
نقاشات حول الربط مع المغرب والاستدامة البحرية
تضمن المؤتمر أربع موائد مستديرة تناولت عدة محاور مترابطة، من بينها استعادة حركة حاويات ميناء قادس مع المغرب، والامتيازات التنافسية لخدمات نقل الركاب والبضائع المنقولة بالدحرجة مع جزر الكناري، إلى جانب الاستثمارات الجارية والمخطط لها في البنية التحتية للموانئ، وملف إزالة الكربون من النقل البحري، وتحسين الإدارة البيئية للموانئ، وتعزيز التكامل بين الموانئ والمشغلين والعملاء.
ومن خلال هذه المداخلات، أكد ميناء خليج قادس بوضوح ربط مستقبله بالنقل البحري قصير المدى باعتباره بديلًا مستدامًا وتنافسيًا، قادرًا على المساهمة في تخفيف الضغط على الطرق، وتقليص البصمة الكربونية، وتعزيز الربط المتعدد الوسائط.
فرص جديدة للتجارة بين الأندلس وشمال إفريقيا
تمثل هذه الخدمة الجديدة استئنافًا فعليًا لحركة الشحن المنتظمة بين قادس والمغرب، بما يفتح الباب أمام فرص إضافية للصادرات والواردات بين إقليم الأندلس وشمال إفريقيا. ومن المنتظر أن يُسهم ذلك في بروز أنشطة لوجستية جديدة، وزيادة أحجام الشحن، وتنويع الخطوط والمسارات البحرية المتاحة أمام الفاعلين الاقتصاديين.
اضطراب الملاحة بين طريفة وطنجة بسبب الطقس
ورغم هذا التطور الإيجابي، شهدت حركة النقل البحري في المنطقة اضطرابات بسبب الظروف الجوية السيئة التي ضربت مضيق جبل طارق. فقد تم تعليق الرحلات البحرية بين ميناء طريفة الإسباني وميناء طنجة ابتداءً من الساعة السادسة مساءً اليوم، نتيجة سوء الأحوال الجوية.
كما أعلنت سلطات ميناء خليج الجزيرة الخضراء عن إلغاء أول رحلة بحرية كانت مقررة يوم الجمعة. وتتوقع الوكالة الوطنية الإسبانية للأرصاد الجوية (AEMET) تواصل تساقط الأمطار وهبوب رياح تصل سرعتها إلى 70 كيلومترًا في الساعة طوال اليوم في مقاطعة قادس، ما قد يؤثر مؤقتًا على حركة الملاحة في المنطقة.
